كيف أعلم ابني لغة أجنبية
غاية
كل أسرة أن ينجح الطفل في مساره الدراسي، ومفتاح ذلك هو تعلم اللغات مما يجعل
الجميع يولي أهمية بالغة للأمر سواء تعلق الأمر باللغة الأم أو لغة أجنبية. فنجد
الأسرة تبدأ بتعليم الطفل الحروف الأبجدية بالنسبة للغة الأجنبية، وما إن يتعلم
الطفل نطق A
B C D حتى يلقى الاستحسان والابتهاج.
طبعا الأمر يستحق ذلك إن كان بغرض التحسيس فقط والتدرب على نطق الحروف كأصوات لا
معنى لها، ولكن الطريقة العلمية والبيداغوجية الصحية تختلف عن هذا المسار، وهو
موضوع اليوم.
تعلم
اللغة من خلال حفظ الحروف الأبجدية طريقة تقليدية تجاوزتها الأبحاث التربوية
الحديثة التي أثبتت أن تعلم اللغة يبدأ بالتعبير أولا، ليكتسب الطفل الرصيد اللغوي
الضروري لبدء التعلم. فأن يتعلم الطفل A لا يعني شيئا أكثر من تعلمه رمزا صوتيا و حتى إن تعلم كتابته، لا
يتعدى أنه تعلم كتابة رمز صوتي فقط.
من أين نبدأ تعلم لغة أجنبية؟
أن
تبدأ مع الطفل مسار تعلم لغة أجنبية هي أن تعلمه كلمات أولا و عبارات، من خلال
المحسوس المتعلق بالمحيط الذي يعيش فيه. و لنبدأ بالبيت و محتوياته. فيتعرف الغرفة
chambre بالفرنسية room بالإنجليزية
و هكذا. و قد نتواصل معه كذلك باستعمال عبارات بسيطة جدا
ك viens ici بالفرنسية
و me here co بالانجليزية. بعد مدة نجد أنه تملك رصيدا لابأس به و عندما
سنكتب له maman سيتعرف m كأحد الحروف باللغة الفرنسية و نفس الشيء ينطبق
على اللغة الإنجليزية.
كيف يتم ذلك؟
· الابتعاد عن الأسلوب
المباشر والكلاسيكي المتمثل في الجلوس لطاولة أو على الأرض بغرض التعلم. بالعكس
التعلم يتم في كل زمان ومكان، حيث أننا نستثمر ونستغل أية فرصة قد يتعلم فيها
الطفل شيئا جديدا. فمثلا وأنت في سوق الخضر فلابأس أن تعلمه اسم فاكهة و مع تكرار
العملية تكون النتيجة مبهرة.
· الطفل الصغير يتعلم
بالتسلية واللعب، ومن الأفضل إعداد حصص اللعب الهادف والمسلي في نفس الوقت. فالجلوس
الى الأرض وأنت تلعب مع ابنك بالمكعبات الملونة فرصة لنعلمه أسماء الألوان. و لا
تنسى حقه في اللعب الحر.
· استعمال الأناشيد والأغاني
التي يحبها الطفل، وفي وقتنا الحالي توفر الانترنيت العديد منها وبشكل مسلي وممتع.
إضافة إلى ذلك، نختار الرسوم المتحركة أو ما يسميه البعض الأفلام الكرتونية باللغة
التي نريد أن يتعلمها. فمن خلال التجربة، الأطفال الذين يشاهدون رسوم متحركة هادفة
وبلغة بسيطة يكتسبون لغة سليمة.
· الاعتماد على الأشياء
المحسوسة، وإن لم نستطع توفيرها قد نكتفي بالصور والفيديوهات. فالطفل في هذه
المرحلة لا يمكن أن يتعلم بالمجرد. إذ لا يعقل أن نقول له زرافة وهو لا يعرفها.
· عدم الاستعجال واعتماد
الحشو والحفظ. فالطفل بطبعه شغوف للمعرفة والاستكشاف مما يجعل المهمة سهلة إن وُجد
من يحسن التعامل و يحدد أهدافه .
· التواصل الإيجابي مع
الطفل، فلا يمكن أن نتخيله يتعلم في جو من الرعب و الفزع و الخوف. فأول الطريق هو الإحساس
بالأمان والثقة في النفس وفي والديه.
إن تاريخ الإنسانية مليء بالدروس، وفيما يتعلق بالموضوع أعلاه فالإنسان تواصل بالرموز
أولا ثم اللغة و بقي آلاف السنين يتحدث دون أن يكتب. وهو درس بليغ على أن الانسان
ليصل لمرحلة الكتابة والقراءة لابد له أن يمتلك ما سيقرأ ويكتب أولا. فاقد الشيء
لا يعطيه.
إرسال تعليق